مشاورات مضطربة وتحديات جسيمة
يُجري رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس حراكًا مكثفًا في سبيل تشكيل حكومته الجديدة، وسط أجواء سياسية مشحونة وتكهنات واسعة تشير إلى صعوبة إحداث تغيير جوهري في تركيبة السلطة التنفيذية المقبلة. التحديات لا تقتصر على التوازنات السياسية، بل تمتد إلى محاولة تلبية تطلعات الشارع السوداني المثقل بآثار الحرب.
اتفاقية جوبا.. حقائب مضمونة دون نتائج؟
الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، ووفقًا لتفاهمات سابقة مع مجلس السيادة، تنتظر الحصول على ما بين خمس إلى سبع وزارات اتحادية، بينها ثلاث وزارات اقتصادية. هذه الحصة المحجوزة تضعف من قدرة رئيس الوزراء على توزيع الحقائب بناءً على الكفاءة والاحتياج الوطني.
نزاعات جهوية وقبلية تزيد المشهد تعقيدًا
الضغوط لا تقتصر على الحركات المسلحة، بل امتدت لتشمل كتلًا قبلية وجهوية من مختلف أنحاء البلاد، قدمت مرشحيها بشكل مباشر إلى رئيس الوزراء، مطالبة بتمثيلها في الحكومة القادمة.
الوسط السوداني يطالب بإنصافه
رفعت كيانات تمثل وسط السودان صوتها، مطالبة بتمثيل عادل يعوّض سنوات التهميش وضعف المشاركة في السلطة والثروة. هذه الكيانات ترى أن دعمها السابق للقوات المسلحة يجب أن يُترجم إلى حصة عادلة في الحكومة المقبلة.
صراع الحقائب الاقتصادية.. أزمة مبكرة؟
السباق المحموم على الوزارات الاقتصادية، وفي مقدمتها وزارة المالية، يعكس حجم التحدي الذي سيواجهه إدريس في بناء فريق قادر على التعامل مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
هل يقع إدريس في فخ الترضيات؟
المؤشرات الحالية توحي بأن إدريس قد يجد نفسه مضطرًا لتشكيل حكومة قائمة على موازنة القوى بدلاً من التوجه الوطني الموحد. وإذا لم يكن لديه تصور واضح لطبيعة حكومته المرتقبة، فإن خطر الوقوع في فخ الترضيات يبدو حتميًا.
تأخير التشكيل.. ضغط إضافي وقلق شعبي
التأخير المستمر في إعلان التشكيل الوزاري بدأ يثير تململًا واسعًا في الأوساط الشعبية، ويضع ضغطًا نفسيًا متزايدًا على رئيس الوزراء. وإذا لم يتمكن إدريس من فرض رؤيته السياسية والاقتصادية بوضوح وحزم، فإن حكومته قد تُولد مثقلة بالأزمات.
خلاصة
السودان يعيش لحظة مفصلية، ولا وقت فيه للمجاملات السياسية. المطلوب حكومة كفاءات تقود البلاد في هذا الظرف الدقيق، لا حكومة محاصصة تؤجل الانفجار القادم.